‫الرئيسية‬ تطور حقوق النساء ضمن حقوق الإنسان

تطور حقوق النساء ضمن حقوق الإنسان

مقدمة

إذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد شكل في القرن العشرين افضل نص لناحية قوة تاثيره, فإن حقوق النساء ايضاً برزت بإمتياز كأكبر تحد في هذا المجال, إذ لا يمكن إنكار إنجازات الحركة النسوية عالمياً التي حققت تقدماً بحقوق النساء ,بالرغم من كل الإخفاقات والواقع المرير الذي تعاني منه النساء في العالم.

لقد كان على النساء وعلى الحركة النسوية أن تكافح لوقت طويل من أجل الاعتراف بالمرأة كإنسانة كاملة وبحقوقها الإنسانية الأساسية وكمواطنة كاملة الأهلية. وبالرغم من تحسن أوضاع النساء من نواح كثيرة الا أن البنى المجتمعية والثقافية والقانونية والإجتماعية السائدة والأحكام المسبقة التي غالباً تأخذ شكل القداسة والتابوهات ما زالت تمييز ضدهن.

يمكننا تناول موضوع تطور حقوق النساء ضمن حقوق الإنسان من ثلاثة نواحِ: من ناحية تطور المفاهيم والحقوق وتطور أليات الحماية وتطور المقاربات.

اولاَ: تطور المفاهيم والحقوق

من خلال نطرة عامة وشمولية لمفاهيم حقوق النساء لقد تطورت من مفهوم المساواة بين الجنسن الى مفهوم إلغاء التمييز ضد المرأة وصولاً لمناهضة العنف المسلط على النساء.

تشكل المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء الغاية المرجوة عند تناول مسألة حقوق النساء وهي مبدأ أساسي لحقوق الإنسان , وقد شكل التمييز ضد النساء العائق الأساسي لتحقيق المساواة بين الجنسين, هذا التمييز الذي يتجذر ويعاد إنتاجه من خلال العنف الجندري اي العنف الممارس على النساء لكونهن نساء وهو من اكثر اشكال التمييز ضذ النساء انتشاراً ,ويشكل أبشع إنتهاكات حقوق الإنسان وأكثرها شيوعاً.

هذا التمييز الذي يكرس تهمش النساء ويهمش قضيتهن, فحتى الآن وما زالت قضية النساء كقضية إجتماعية على هامش قضايا المجتمع . فبالرغم من أن مشكلات النساء جزء عضوي من مشكلات المجتمع, وإنها ليست قضية نسوية فحسب بل هي قضية مجتمعية تهم المجتمع بأسره والنضال من أجل حقوق النساء ليس نضالاً معزولاً, بل هو مرتبط بنهوض المجتمع وتقدّمه إقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً وسياسياً, والمساواة بين الجنسين حقّ من حقوق الإنسان وإحدى الأهداف الإنمائية للألفية.

هذا التمييز يعاد إنتاجه من خلال المنظومة القيمية السائدة في المجتمع التي تشمل الثقافة والفكر الديني السّائد والذي يعطي الخطاب الذكوري القدسية والتي يعتبر العنف (المادي والرمزي) الممارس ضد النساء أهم أسسها وسط جوالإفلات من العقاب للجناة ومنتهكي حقوق النساء. ولا يمكن تحقيق المساواة بين الجنسين في الحقوق والكرامة دون تحديد أوجه هذا التمييز للقضاء عليه والحد من إنتهاكات حقوق الإنسان للنساء, من أجل تعزيز حقوق المرأة والنهوض بأوضاعها والإرتقاء بها الى صفة المواطَنة الكاملة والفعلية والإعتراف لها بكافة الحقوق والحريات من ناحية ومن أجل تقدّم وتطوّر وحداثة المجتمع وتحوّله الديمقراطي من ناحية أخرى. إن التمييز ضد النساء يشكل أداة عنف رمزي ومادي لمنع ولتدمير أية محاولة لقيام مواثيق للمواطنة، تسمح بإنتاج معرفة وممارسة مدنية تحدّ من التسلّط والاستبداد.

كيف تطورت حقوق النساء ضمن المواثيق والإتفاقيات الدولية

  1. ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 :”بتأكيد الإيمان من جديد بحقوق الإنسان الأساسية, وبكرامة الإنسان وقيمته, وبالحقوق المتساوية للرجال والنساء”.

 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948: في مادته الثانية أكّد على “حق كل إنسان في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية دونما أي تمييز من أي نوع كان لا سيما التمييز بسبب…. الجنس…”. وقد شكّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان محطة مهمة في تاريخ حقوق النساء إذ اعترف بشكل واضح وصريح بالمساواة وبالحقوق المتساوية بين الجنسين، وقد شجّع الإعلان على صدور إتفاقيات تتعلّق بالنساء فقط, فصدرت ثلاثة إتفاقيات على التوالي خاصة بالنساء.

 الإتفاقية المتعلقة بشأن الحقوق السياسية للمرأة الصادرة عام 1952التي تعترف للنساء “بحق التصويت والترشّح في جميع الإنتخابات والهيئات المنتخبة وبتقلّد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة بشرط التساوي بينهنّ وبين الرجال دون أي تمييز”.

 الإتفاقية المتعلقة بشأن جنسية المرأة المتزوجة عام 1957.

 الإتفاقية الخاصة بالرضا على الزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج عام 1962. ولكن سرعان ما خف بريق هذه الإتفاقيات وساد التوجه القائم أن افضل أسلوب لحماية حقوق الإنسان للنساء هو إتباع المبدأ العام بعدم التمييز وقد أظهرت معظم الإتفاقيات الدولية الاحقة هذا التوجّه, وقد جسّد مبدأ المساواة المطروح لأول مرة على مستوى مواثيق دولية : المساواة لناحية تكافؤ الفرصومساواة الحقوق أمام القانون.

 العهدين الدوليين لحقوق الإنسانعام 1966:الذين أكدا على الحق المتساوي للرجل والمرأة في التّمتع بجميع الحقوق الواردة في كل منهما (الفصل الثالث في كل عهد).

 إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1967:بالرغم من أن شرعة حقوق الإنسان إعترفت بشكل واضح وصريح وعلني بالمساواة بين الرجال والنساء, ومع أن الحركة العالمية لحقوق الإنسان نادت بالمساواة بين الجنسين الا أن العمل الفعلي بقي بعيداً عن ذلك وكأن حقوق الإنسان هي للرجال وليست للنساء, بالإضافة الى أن مفهوم المساواة بظل التفاوت الكبير بين أوضاع الرجال والنساء سيكرّس التمييز ضد النساء بدلاً من القضاء عليه, لأن المعاملة المتساوية في أوضاع غير متساوية تدين الظلم ولا تغيره, وقد أظهرت كافة الدراسات والأبحاث والمؤشرات إن وجود التمييز ضد النساء يشكّل العائق الأساسي لتحقيق المساواة بين الجنسين, ويجب العمل على هدم هوة اللامساواة بين الجنسين المتأتية من التّمييز ضد النساء لتحقيق المساواة بين الجنسين. لذلك فإن الحركة النسائية على صعيد العالم ومن ضمنها اللجنة المعنية بمركز المرأة التابعة للأمم المتحدة, طالبت ونادت بإلغاء جميع أشكال التمييز ضد النساء لكي تتمكّنَ من التمتع بالمساواة في الحقوق ومن أجل تحقيق المساواة التامة بين الجنسين وتفعيلها, لأن مجرد ” إنسانية المرأة ” لم تكفِ لتضمن للنساء حقوقهن. وبدأ البحث عن إتفاقية دولية للمرأة التي شكل الإعلان الخطوة الأولى لتشريعها.

  1. إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة او السيداو“/ “كوبنهاغن“: صدرت الإتفاقية عام 1979 واعتمدت كإطار دولي يضمن للمرأة التساوي الكامل مع الرجل دون أي تفرقة أو إستبعاد او تقييد على أساس الجنس, في الميادين السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والمدنية.ألزمت الإتفاقية الدول تحقيق سياسة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء. وهنا اكتسب مبدأ المساواة بين الجنسين معنى أكثر دقة وتحديداً فأصبح يعني” مساواة النتائجومساواة الحقوق في القانون“.

ويعني “التمييز” أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أوأغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل” – المادة 1 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

 الجديد في إتفاقية المرأة الدولية:

  • توسيع حقوق المرأة الإنسان

  • إتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق المساواة في كافة المجالات

  • تحدد الإجراءت اللازمة لذلك

  • تدعو الى إتخاذ التدابير المؤقتة (التمييز الإيجابي)

  • تلزم الدول العمل على تعديل الأنماط السائدة للسلوك(الإجتماعية /الثقافية……..)

  • تفرض معايير المساواة وعدم التمييز في الحياة الخاصة والعامة على حد سواء

وعلاوة على ذلك تلزم كذلك الاتفاقية الدول الأطراف فيها بما يلي:

  • إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى؛

  • كفالة التحقيق العملي لمبدأ المساواة؛

  • اتخاذ ما يناسب من تدابير ، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك الجزاءات المناسبة، لحظر كل تمييز ضد المرأة؛

  • فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل؛

  • الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام؛

  • اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة؛

  • إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة؛

  • كفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين، وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل.

  • تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة؛

  • تحقيق هدف القضاء على أوجه التحيز والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على نسب أدوار نمطية للرجل والمرأة؛

  • كفالة تضمين التربية العائلية فهماً سليماً للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية، والاعتراف بكون تنشئة الأطفال وتربيتهم مسؤولية مشتركة بين الأبوين على أن يكون مفهوماً أن مصلحة الأطفال هي الاعتبار الأساسي في جميع الحالات؛

  • اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعية منها، لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال بغاء المرأة؛

  • ضمان حق المرأة في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة والأهلية للانتخاب لجميعها في جملة أمور أخرى؛

  • منح المرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها؛

  • ضمان تمتع المرأة بحقوق مساوية لحقوق الرجل في ميدان التعليم.

 الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة, الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993. أظهرتكافة تقارير التقدّم المحرز في تنفيذ إتفاقية السيداو أن العنف المسلّط ضد النساء هو أكثر الأشكال تمييزاً ضد النساء ويشكل عائقاً أساسياً لإلغاء التمييز ضد النساء بهدف تحقيق المساواة بين الجنسين, كما أن العنف الممارس ضد النساء يجذر ويعيد إنتاج القيم والآليات التي تمييز ضد النساء وتحرمهن الإعتراف والتمتع وممارسة حقوقهن على قدم المساواة مع الرجال. في حزيران، 1993 طوّر مؤتمر فيينا العالمي لحقوق الإنسان خطة العمل الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان لتشمل الانتهاكات القائمة على أساس الجنس. وقد أورد إعلان وخطة عمل فينا – والوثيقة الختامية للمؤتمر- أمثلة حول التمييز الجنسي والعنف المسلط على النساء بإعتبارها تشكل أخطر انتهاكات لحقوق الإنسان وأكثرها شيوعاًً, ودعت إلى تظافر الجهود لتأمين الحقوق الإنسانية للمرأة في جميع نشاطات الأمم المتحدة لكي لا تبقى حقوق الإنسان تحابي الرجال على حساب النساء.وفي آذار 1994، وافقت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على تعيين مقرّرة خاصة لموضوع العنف ضد المرأة, أسبابه ونتائجه كما وافقت على دمج حقوق المرأة في آليات حقوق الإنسان.

 البروتوكول الإختياري الملحق بإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 2000. منذ 1993 صادق المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان على توصية تؤكّد ضرورة إصدار “بروتوكول إختنياري لإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ” من أجل تمكين المنتفعين نساءاً ورجالاً من أحكام الإتفاقية من تقديم شكاوى عند إنتهاك حق من الحقوق الواردة فيها. صدر البروتوكول عام 1999 ودخل حيّز التنفيذ في مطلع العام 2000.

  • ميثاق الأمم المتحدة 1945

  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948

  • إتفاقية الحقوق السياسية للمرأة 1952

  • إتفاقية بشأن جنسية المرأة المتزوجة 1957

  • إتفاقية خاصة بالزواج (الرضى/العقود/سن الزواج…..) 1962

  • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966

  • العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية 1966

  • الإعلان العالمي للقضاء على التمييز ضد المرأة 1967

  • إتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979

  • الإعلان العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة 1993

  • إعلان وبرنامج عمل بكين 1995

  • البروتوكول الإختياريالإختياري الملحق بإتفاقية إلغاء التمييز ضد المرأة 2000

اهم المؤتمرات الدولية التي تناولت حقوق النساء:

  • في السبعينات فقط قامت الأمم المتحدة بدافع مما يسود من أوجه عدم المساواة في مجالات كثيرة من الحياة اليومية فضلاً عما تعانيه النساء من الفقر والتمييز ضد الفتيات الصغيرات، باتخاذ قرار يقضي باستهلال عقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم،من عام 1976 إلى عام 1985، وقد نظمت لجنة وضع المرأة ، أربعة مؤتمرات عالمية رئيسية ترمي إلى إدماج حقوق المرأة في صلب حقوق الإنسان: المكسيك، 1975- كوبنهاغن، 1980- نيروبي،1985 .وبلغ هذا العقد أوجه في اعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة(CEDAW) . وتعد هذه الوثيقة أهم صك من صكوك حقوق الإنسان الخاصة بحماية وتعزيز حقوق المرأة، إذ إن هذه الاتفاقيةتعترف،للمرة الأولى، بالمرأة كإنسانة كاملة. وتشمل الاتفاقية الحقوق المدنية والسياسية فضلاً عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فهي وحدت حقوق الإنسان التي كانت، خلافاًلذلك، تنقسم إلى فئتين.

  • المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقد في فيينا في يونيو/حزيران 1993 وجمع ألوفاً من الناشطين والخبراء في حقوق الإنسان. وينصب تركيز إعلان وبرنامج عمل فيينا الذي اعتمد كمحصلة للمؤتمر على تعزيز وحماية الحقوق الإنسانية للمرأة والفتيات بوجه عام وعلى منع العنف ضد المرأة.وقد جاء فيه أن الحقوق الإنسانية للمرأة والطفلة غير قابلة للتصرف فيها كما أنها جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان العالمية ولا ينفصل عنها. كما يعلن أن المشاركة التامة بالتساوي مع الرجل في الحياة السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي والقضاء على جميع أشكال التمييز على أساس الجنس هي أهداف ذات أولوية يصبو إليها المجتمع الدولي.دعم المؤتمر العالمي المعني بحقوق الإنسان الذي عقد في فيينا في يونيو/حزيران 1993 إنشاء آلية جديدة تتمثل في تعيين مقررة خاصة معنية بالعنف ضد المرأة.

  • المؤتمر العالمي الرابع المهني بالمرأة الذي عقد في إطار الامم المتحدة في عام 1995 في بكين,والذي نتج عنه منهاج عمل بيجين الذي اعتمد في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة يكتسي أهمية خاصة. إذ تشكل ديباجته إلى جانب 12 فصلاً فيه برنامجاً من أكثر البرامج اكتمالاً بشأن حقوق الإنسان مع تشخيص عالمي لوضع المرأة ودراسة للسياسات العامة والاستراتيجيات والتدابير اللازمة لتعزيز حقوق المرأة في جميع أنحاء العالم. ويوجه منهاج العمل اهتماماً خاصاً إلى مجالات الاهتمام الحرجة التالية البالغة 12 مجالاً:

الفقر والتعليم والصحة والعنف والنزاع المسلح والاقتصاد وصنع القرارات والآليات المؤسسية وحقوق الإنسان ووسائط الإعلام والبيئة والأطفال الإناث.

  • عقد في عام 2000 اجتماع الدورة الاستثنائية الثالثة والعشرين للجمعية العامة بشأن “المرأة عام 2000: المساواة بين الجنسين والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين” في نيويورك بهدف تقييم التقدم المحرز في الالتزامات التي تعهدتها في الأصل الدول في مؤتمر بيجين العالمي المعني بالمرأة لعام 1995. وبذلك ولهذا السبب أطلق على هذا الاجتماع اسم “بيجين بعد 5 سنوات“.

اهم القرارات الدولية الصادرة لمناهضة العنف والتمييز ضد النساء:

  1. قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 الصادر في 31 تشرين الأول 2000 حول دور النساء في السلام وحل الصراعات وحمايتهن اثناءها.

  2. قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 52/86 حول تدابير منع الجريمة والعدالة الجنائية للقضاء على العنف ضد النساء

  3. قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 59/165 عام 2004 للعمل من اجل القضاء على الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات بإسم الشرف

  4. قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1820 الصادر 19 حزيران 2008 حول العنف الجنسي ضد النساء والفتيات اثناء النزاعات المسلحة وضرورة حمايتهن.

  5. كما اصدر الأمين العام للأمم المتحدة عام 2005 قراراُ لتحضير دراسة حول العنف ضد النساء , التي صدرت في 6 تموز 2006 بعنوان: دراسة متعمقة بشأن جميع أشكال التمييز ضد النساء. وتعتبر الدراسة مرجعاً واسع الشمولية لموضوع العنف ضد النساء :انواعه واشكاله وآليات الحماية والتشريعات والإجراءات اللازمة لذلك.

ثانياً: تطور آليات الحماية

يستلزم التنفيذ التام للحقوق الإنسانية للنساء وتمكين النساء من ممارسة حقوقهن والتمتع بها وتأمين الحماية لهن, بذل جهود خاصة لإعادة تفسير عدد من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ولإعداد آليات جديدة لضمان المساواة بين الجنسين , التي يمكن القول انها تشهد تطوراً لناحية تطور الآليات الدولية وإيجاد آليات للمعاقبة وليس من الحماية فقط تطبيقاً لمبدأ عدم الإفلات من العقاب الذي يطال أيضاً ممارسات العنف والتمييز ضد النساء وإنتهاك حقوقهن.

وقد تطورت مختلف هذه الآليات التي يمكن أن تتبعها الحكومات وكذلك أيضاً المجتمع المدني على الشكل التالي:

  1. نشر ثقافة حقوق النساء وآليات حمايتها وتعزيزها عن طريق تعليم حقوق الإنسان في النظام التعليمي الرسمي وغير الرسمي والتربية والتدريب على إلغاء التمييز ومناهضة العنف ضد النساء لتحقيق المساواة الجندرية. ولا يمكن للمرأة على الإطلاق أن تمارس حقوقها الإنسانية إن كانت تجهل ماهية هذه الحقوق.

  2. والخطوة الأخرى هي تشجيع وتمكين النساء والحركات النسوية على مراقبة أداء دولها لمعرفة ما إذا كانت تفي بواجباتها على نحو ما ورد في صكوك حقوق الإنسان التي صدقت عليها, من خلال إعداد التقارير الموازية (تقارير الظل) لرفعها ولتقديمها إلى كل من اللجنة المنبثقة عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وهيئات أخرى منشأة بمعاهدة. وتتيح التقارير الصورية لمنظمات المجتمع المدني مساءلة حكوماتهم فيما يخص التعهدات والالتزامات التي قطعتها على المستوى الدولي. وفوق ذلك فهي تسهم في إذكاء الوعي بشأن عملية تقديم التقارير في إطار اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في البلد وهنا تجدر الإشارة الى التوصية رقم 12 و19 الصادرتان عن لجنة السيداو بشأن العنف الممارس ضد النساء وتضمينه لمواد الإتفاقية.

  3. تقديم الشكاوى بموجب البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فبناءَ على توصية مؤتمر فينا لحقوق الإنسان بضرورة تعزيز آليات حماية النساء من خلال إتفاقية السيداو ، قامت لجنة من الخبراء عام 1994 ببلورة مشروع بروتوكول إختياري إعتمدته الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في 6 أكتوبر 1999 ودخل حيز النفاذ على المستوى العالميعام 2000.يهدف هذا البروتوكول إلى تفادي نقائص إختصاصات اللجنة المكلفة بالسهر على إحترام الإتفاقية وإتساع مهامها وتمكينها من قبول الشكاوي أو الدعاوى المقدمة من قبل المواطنين والمواطنات بصفة مباشرة أو عن طريق المنظمات غير الحكومية والتي يدّعون فيها إنتهاك لحقوقهم. وحسبما جاء في أحكام هذا البروتوكول يمكن للجنة أن تطلب من الدولة القائمة بالإنتهاك أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتفادي إرتكاب أي ضرر تجاه ضحايا الإنتهاكات.وهنا تجدرالإشارة الى الحملات الدولية للضغط من أجل سرعة تصديق الدول على البروتوكول.

  4. كذلك من الآليات الدولية لمناهضة العنف ضد النساء , إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة غير الوطنية التي اعتمدت عام 2000 , وألحق بها بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال. وتشمل الإتفاقية والبروتوكول الملحق بها ” كحد ادنى إستغلال دعارة الغير او سائر أشكال الإستغلال الجنسي, او السخرة او الخدمة قسراً,او الإسترقاق او الممارسات الشبيه بالرق او الإستعباد او نزع الأعضاء…”

  5. كما تعتبر إتفاقية مناهضة التعذيب من ضمن آليات حماية حقوق النساء ,إذ أكدت المحاكم الدولية لحقوق الإنسان والمحاكم الجنائية الدولية ,ان الألم والمعاناة الناتجين عن الإغتصاب يتفقان مع تعريف التعذيب, كما يعتبر القانون الدولي الإغتصاب في كثير من الأحيان شكلاً من اشكال التعذيب.

  6. كما يمكن الإستناد الى القانون الإنساني الدولي ( بما في ذلك إتفاقيات جنيف والبروتوكولان الملحقان بها) لحماية النساء من العنف الممارس عليهن في الصراعات المسلحة سواء كانت دولية ام داخلية , والتي تمنع استخدام العنف ضد المدنيين بما في ذلك القتل والتعذيب والمعاملة اللإنسانية بما فيها الإغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي .

  7. مجلس حقوق الإنسان وهياكله الخاصة بالنساء : لجنة مركز المرأة ،أنشأها المجلس الإجتماعي والإقتصادي عام 1946 )آلية غير تعاهدية).

  8. المقررة الخاصة بالعنف المسلط على النساء,أسبابه ونتائجه لدى لجنة حقوق الإنسان)آلية غير تعاهدية) عام 1994.التي تسهم بقوة الى تعميق فهم وإدراك المجتمع الدولي لأسباب العنف ضد النساء ومظاهره في العام .وتمكن صلاحيات هذه المقررة من تلقي الشكاوى لكل انواع وأشكال العنف الممارس ضد النساء ضمن العائلة او ضمن المجتمع او العنف الممارس من الدولة او التي تسكت عنها. اصدرت المقررة الخاصة للعنف ضد النساء تقريراً عام 1996 عن النف ضد النساء : إطار لتشريع نموذجي بشأن العنف المنزلي .وهنا تجدر الإشارة تشمل الى صلاحيات كل المقررين الخاصين التصدي للأبعاد الجندرية كل في نطاق عمله .

  9. حالياً هناك عمل جاد من قبل محلس حقوق الإنسان لتسمية مقررة خاصة للقوانين التمييزية ضد النساء.

  10. وبلغ القانون الإنساني الدولي منعطفاً جديداً للتصدي لجرائم العنف ضد النساء مع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في عام 1998 التي ادرجت عدة أشكال من العنف ضد النساء بما فيها الإغتصاب كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية . فقد أظهرت كذلك التطورات التي حدثت على أراضي يوغوسلافيا السابقة وفي رواندا أن حماية المرأة وحقوقها الإنسانية ينبغي أن تدخل في إطار تفويض المحكمة الجنائية الدولية. وقد شاركت المنظمات النسوية في عام 1998 مؤتمر روما وساهمت في صوغ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية للتأكد من أن الحقوق الإنسانية للنساء ستراعى بجدية ووسيتم إدراجها فيه. ويشير نظام روما الأساسي بصراحة للمرة الأولى في التاريخ إلى مجموعة متنوعة من الجرائم التي يعاقب عليها بموجب هذا النظام والتي ترتكب في معظمها ضد المرأة. وعلى سبيل المثال تنص المادة (7) 1 على أن الأفعال التالية تمثل جرائم ضد الإنسانية: الاغتصاب أوالاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أوالحمل القسري أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة . وعلاوة على ذلك يوجه اهتمام صريح للضحايا والشهود. وتصرح المادة 86 من النظام بأن ” أمان المجني عليهم والشهود وسلامتهم البدنية والنفسية وكرامتهم وخصوصيتهم” يجب أن تضمن ويمكن لدوائر المحكمة أن تصدر أمراً “بإجراء أي جزء من المحاكمة في جلسات سرية أو بالسماح بتقديم الأدلة بوسائل إلكترونية أو بوسائل خاصة أخرى. وتنفذ هذه التدابير، لا سيما في حالة ضحية العنف الجنسي أو الطفل الذي يكون مجنياً عليه أو شاهداً”. وتعد تدابير الحماية هذه كذلك محصلة للتجارب المكتسبة من خلال المحاكمات التي جرت في المحكمة الجنائية الدولية المعنية بيوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية المعنية برواندا.

تطور مقاربات حقوق النساء

لقد ساهم تطور حقوق النساء الى تطور مقاربات حقوق الإنسان والمساواة الجندرية . وقد ساعد الإتجاه العام بإدماج مقاربة حقوق الإنسان في عمل المنظمات والحكومات, الى تعزيز وإدماج مقاربات حقوق النساء والمساواة الجندرية في الكثير من إستراتيجيات وبرامج وخطط المنظمات الأممية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية العالمية والوطنية . وهنا تجدر الإشارة الى الأهمية التي تأخذها عملية إدماج مقاربة حقوق النساء والمساواة الجندرية في عمل المنظمات التنموية بخاصة بعد وضع اهداف الألفية الثمانية للتنمية التي تراعى المنظور الجندري ويتناول الهدف الثالث منها تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء , التي ساعدت بشكل كبير في النهوض والتقدم بأوضاع النساء بعدما اكدت كافة المؤشرات والإحصاءات تأنيث ظاهرة الفقر والأمية والبطالة والإيدز.

وهنا يمكن الحديث عن عدد كبير من التجارب المشابه ومنها:

  • عشرية الأمم المتحدة للتربية على حقوق الإنسان

  • برنامج التعليم للجميع الذي تقوم به اليونسكو

  • عمل اليونسف حيث تحدث تقرير وضع أطفال العالم 2007 عن العائد المزدوج للمساواة : النساء والأطفال. كما اصدرت اليونسف عام 2005 تقرير انوشيتني بعنوان ختان الإناث : تغيير حالة إجتماعية ضارة.

  • اصدرت منظمة الأمم المتحدة للسكان تقرير حالة سكان العالم 2005 – وعد المساواة : الإنصاف بين الجنسين والصحة الإنجابية والغايات الألفية للتنمية .

  • اصدرت منظمة الصحة العالمية عام 2002 التقرير العالمي حول العنف والصحة , الذي يتناول العنف ضد النساء.

  • اصدرت منظمة العمل الدولية تقريرها العالمي 2007 بعنوان المساواة في العمل :مواجهة التحديات , وقد تناول التقرير الأشكال الجديدة من التمييز ضد النساء واللامساواة في العمل .

  • ادمجت منظمة الأمم المتحدة للسكان برنامج مناهضة العنف ضد النساء ضمن برامجها , وهي تعمل مع الدول على اعداد الخطط الوطنية ووضع آليات عمل لها في هذا المجال.

  • كذلك تطورت برامج الصحة الإنجابية والجنسية للنساء في برامج منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للسكان. تطورت عالمياً برامج مكافحة الإيدز بالنسبة للنساء بعد ان بدأ الحديث عن تأنيث المرض.

ممارسات جيدة

  1. وفي عام 1992، بدأت اللجنة المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة لأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي(CLADEM) حملة تضم منظمات من جميع أنحاء العالم أسفرت عن صوغ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور قضايا الجنسين. ويستخدم هذا الإعلان في الوقت الحاضر كإعلان “صوري” لتعليم الأهداف. والهدف من ذلك هو تشجيع المرأة ليس على الاطلاع على حقوق الإنسان فحسب وإنما أيضاً على أن تدرج في هذا الإطار خبراتها الخاصة واحتياجاتها وأمنياتها والمعبر عنها بلغتها الخاصة.

  2. ويشكل اعتماد اتفاقية البلدان الأمريكية لمنع العنف ضد المرأة والمعاقبه عليه واستئصاله في عام 1995 في بيليم دو بارا في البرازيل أهم الأحداث التاريخية الخاصة بتوجيه الاهتمام إلى المرأة في إطار نظام حقوق الإنسان. وقد أعدت هذه الاتفاقية اللجنة النسائية للبلدان الأمريكية في عملية دامت خمس سنوات. وقد صدقت على هذه الاتفاقية بالفعل جميع البلدان في المنطقة تقريباً، وتقدم الاتفاقية إطاراً سياسياً وقانونياً من أجل استراتيجية متماسكة لحل مشكلة العنف وإلزام الدول بتنفيذ استراتيجيات عامة لمنع العنف ومساعدة الضحايا.

وقدمت الحركة الشعبية لتعليم حقوق الإنسان(PDHRE)مساهمة هامة في دفع حقوق المرأة قدماً من خلال الكتيب الرائد ” جواز سفر إلى الكرامة” وسلسلة أشرطة الفيديو المعنونة”المرأة تسند السماء. وقد عمل كتيب “جواز سفر إلى الكرامة، بما يضمه من استقصاء عالمي لمجالات الاهتمام الرئيسية البالغة 12 مجالاً من منهاج عمل بيجين، على ربط الالتزامات القانونية بالواقع في كثير من البلدان على أساس تقارير الخبراء فضلاً عن تقارير مستقاة من مصدرها الأول النساء المتضررات. وطبع كتيب آخر عنوانه”ما بين حكاياتهن وحقائقنابدعم من معهد التنمية والتعاون في فيينا وإدارة وزارة الشؤون الخارجية النمساوية للتعاون الإنمائي في عام 1999 للاحتفال بالذكرىالسنوية العشرين لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهو يشكل جزءاً لا يتجزأ من سلسلة أشرطة الفيديو المذكورة آنفاً “المرأة تسند السماء. وقدمت الحركة الشعبية لتعليم حقوق الإنسان، بفضل هذه المساهمة القيمة، مواد ثمينة من أجل تدريب أجيال من ناشطين وناشطات في مجال حقوق المرأة في المستقبل.

 كذلك تجدر الإشارة الى دور المنظمات النسوية في جنوب أفريقيا وفي شرق آسيا في عملية بناء قدرات منظمات المجتمع المدني عامة والمنظمات التنموية خاصة لإعتماد المقاربة التنموية, وتقوية الصلة فيما بينهم من خلال التشبيك لرصد وفضح إنتهاكات حقوق النساء.هنا يمكن القول بدور الحركة النسوية كحركة إجتماعية في قيادة التغيير.

اترك تعليقاً