المجتمع المدني أعدّ أجندته الحقوقية الموحّدة.. انتهاكات بالجملة تواجه لبنان في جنيف
كشف التقرير الشامل الذي عرضه «ائتلاف منظمات المجتمع المدني» في لبنان في نادي الصحافة أمس، الموقف الصعب الذي سيجد فيه لبنان الرسمي نفسه في 2 تشرين الثاني المقبل، خلال عرض تقريره الدوري الشامل في شأن حقوق الإنسان، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
فقد بيّنت التقارير الـ 13 التي يتألف منها التقرير الأساسي، وهي تقارير مفصّلة حول معظم كل حالة من حالات حقوق الإنسان في لبنان، حجم التباين بين التزامات لبنان الحقوقية الدولية من جهة، وبين الواقع من جهة ثانية.
ويكتسب تقرير المجتمع المدني أهمية كبيرة أيضاً لكون الدولة اللبنانية لم تتشاور مع المنظمات غير الحكومية لدى وضعها التقرير الرسمي الذي رشح أنها قدّمته قبل أيام إلى المجلس في جنيف. وكان المجتمع المدني اللبناني قد بادر في العام 2010، تاريخ تقديم لبنان استعراضه الأول في جنيف حول حقوق الإنسان بعد إنشاء المجلس في 2006، بادر إلى دعوة الدولة اللبنانية إلى مناقشة واقع حقوق الإنسان في لبنان بما يتلاءم مع الهدف من الاستعراض.
وفي تلخيص سريع لبعض جوانب الواقع غير المرضي لحقوق الإنسان في لبنان والانتهاكات المرتبطة به، عرض زياد عبد الصمد من شبكة المنظمات العربية غير الحقوقية، موجزاً سريعاً لواقع الحال، من دون الدخول في التوصيات التي تركت لكل تقرير من التقارير الـ 13.
وتوقف عبد الصمد عند «تعطيل المؤسسات الدستورية في لبنان ومعها المشاركة السياسية والعملية الديموقراطية وآليات المحاسبة، واستمرار عمل المحاكم الاستثنائية (العسكرية)، وانكشاف حالات التعذيب في أماكن التوقيف وفي السجون، وتنامي الجرائم وأعمال العنف في المجتمع نتيجة فقدان ثقة الناس بالدولة وبالأجهزة الأمنية وبالقضاء في حماية حقوقها بسبب التدخلات السياسية في عملها».
وانطلق عبد الصمد من عدم إقرار موازنة عامة منذ العام 2006 نتيجة «غياب آليات الإنفاق وفق خطط واستراتيجيات متفق عليها سلفاً، وصولاً إلى تفاقم المديونية والعجز في الموازنة العامة، وتدهور مستوى الخدمات العامة كافة، ومنها الخدمات الطبية وموت مواطنين على أبواب المستشفيات، ونتيجة أخطاء طبية تحول حصانة الأطباء من المحاسبة عليها».
وبالإضافة إلى استمرار عذابات ذوي المفقودين بعد أكثر 25 عاماً على انتهاء الحرب الأهلية، سجل عبد الصمد «الاستمرار بانتهاك حقوق المرأة وممارسة التمييز والعنف بأشكالهما كافة بحقها، وكذلك بالنسبة للطفل والاشخاص ذوي الإعاقة، والعمال الأجانب».
وسجّل استمرار حرمان «اللاجئين الفلسطينيين من أبسط الحقوق المدنية كالحق في العمل وفي السكن والملكية، كما تفاقم التعقيدات بالنسبة إلى اللاجئين السوريين، حيث تتخذ بحقهم قرارات عنصرية بحجة عدم توطينهم».
وشدّد عبد الصمد على حقيقة أساسية تتمثل «بعدم ارتباط الصورة الراهنة لحقوق الإنسان في لبنان بظروف المنطقة بمفردها»، ليحمل مسؤوليتها بالأساس لـ «الطبقة السياسية الحاكمة متمثّلة بعدد من الشخصيات المؤثرة بالقرار السياسي». وبالتالي، خطا «المجتمع المدني» أمس خطوته الثانية على طريق الاستعداد لجلسة 2 تشرين الثاني المقبل في جنيف حيث يقدّم لبنان استعراضه الدوري الشامل أمام 47 دولة عضواً في الأمم المتحدة.
تقرير الظلّ
في المقابل، سيكون لدى «المجتمع المدني» تقرير الظل الخاص به الذي عملت عليه 73 منظمة لبنانية وفلسطينية غير حكومية في لبنان، ومن ضمنه 13 تقريراً مفصلاً حول معظم حالات حقوق الإنسان. وتكمن أهمية تقرير المنظمات غير الحكومية في لبنان ليس في تقديم صورة واقعية قد تكون «مغايرة» لما ستستعرضه الدولة اللبنانية في تقريرها، وإنما في إعداد توصيات يزوّد بها المجتمع المدني في لبنان، مندوبي الدول الأعضاء، لمطالبة لبنان بتحقيقها، عندما يستعرض حالات حقوق الإنسان على أراضيه.
وبذلك، يحضّر «المجتمع المدني» لخطوته التالية لما بعد تقديم الاستعراض، وتتمثل بوضع خريطة طريق محددة الأهداف والآليات لقيادة حملات حقوقية مناصرة لكل ناحية من نواحي حقوق الإنسان، والأهم امتلاك أجندة دقيقة تتم محاسبة لبنان على أساسها. وعليه، تمنت المنظمات الموقعة والمنضوية في الائتلاف من مجلس حقوق الإنسان ومن أعضائه، وتحديداً «الترويكا»، (وهي اللجنة المختارة بالقرعة كسكرتاريا لتسيير أعمال استعراض كل دولة على حدا، وتقديم التوصيات إليها) اعتماد ومطالبة الدولة اللبنانية بتطبيقها التزاماً بالمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها لبنان.
وينتظر ائتلاف قوى المجتمع المدني تحدٍّ جوهري يتمثل بتحول ائتلافها الحالي ما بعد استعراض لبنان في جنيف إلى قوة ضغط واحدة وموحّدة وراء القضايا المطلبية والتوصيات التي اقترحها تقريرها، والتمسك بأجندة واضحة ومحددة تجري محاسبة الدولة اللبنانية عليها وإطلاق حملات مناصرة جدية وشاملة لفرض التغيير المطلوب بما ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي التزم لبنان بها.
ومن أبرز التوصيات، طالبت المحامية منار زعيتر من التجمع النسائي الديموقراطي في ما يخصّ وضع النساء بـ «سحب التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإعادة حق المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأسرتها، إقرار قانون مدني يساوي بين النساء والرجال ومُوَحّد للأحوال الشخصية وكفل حقوق النساء في الملكية والميراث والتصرف بأموالها، منع تزويج القاصرات، اعتماد الكوتا النسائية، ومواءمة أوضاع السجون بما يتماشى مع المعايير العالمية»،… وغيرها من المطالب.
لتعديل قانون العمل
على صعيد القضاء، طالبت د. ميريام مهنا من «المفكرة القانونية» بـ «تكريس مبدأ انتخاب على الأقل غالبية أعضاء مجلس القضاء الأعلى وتعزيز صلاحياته بناءً على معايير موضوعية وإجراءات شفافة، وتكريس مبدأ عدم جواز نقل القضاة، وبتجريم التدخل في عملهم كجنحة وجعل مرور الزمن لا يسري عليها، ضمان حرية القضاة في التعبير وتأسيس الجمعيات، وإلغاء المادة ٩٥ من قانون تنظيم القضاء العدلي.
وفي موضوع العمل والضمان الاجتماعي، أوصى أمين سر المركز اللبناني للتدريب النقابي أديب أبو حبيب بعشرة بنود أبرزها «تعديل قانون العمل اللبناني ليتناسب مع التطور والاتفاقيات، وتطبيق النصوص القانونية التي جاءت في قانون الضمان الاجتماعي وأبرزها الانتقال من تعويض نهاية الخدمة إلى التقاعد والحماية الاجتماعية وطوارئ العمل وإيجاد صندوق للبطالة وإلغاء التمييز بين المرأة والرجل ودفع إجازة الأمومة من الضمان مباشرة وليس من صاحب العمل، والتزام تطبيق قانون المؤسسة الوطنية للاستخدام في موضوع العمالة الأجنبية، وتصديق الاتفاقية الدولية الرقم 87 المتعلقة بالحريات النقابية».
كما زخرت التقارير بتوصيات تتعلق بالتربية والتعليم والصحة والعدالة الانتقالية، وتأمين حق المعرفة لذوي المفقودين والمخطوفين خلال الحرب، وبالحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبالعمال الأجانب واللاجئين.. وغيرها من حالات حقوق الإنسان.
مشاركة التجمّع النسائيّ الديمقراطيّ في لقاءات تنسيقيّة لتعزيز معايير الحماية الآمنة للنساء والفتيات الناجيات من العنف
بدعوة من الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيٌة، شارك التجمّع النسائيّ الديمقراطيّ اللبنا…